بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 أيار 2024 12:01ص إحفظوا الرياضة من سرطان الطائفية..!

حجم الخط
الرياضة اللبنانية مازالت ترفع علم الأرزة عالياً في البطولات العربية والآسيوية، رغم الظروف الصعبة التي تتخبط فيها الأندية واللاعبين على السواء، بسبب غياب الدعم الرسمي من جهة، فضلاً عن تداعيات الإنهيار المالي، الذي أصاب إمكانيات الأندية في الصميم. 
أحلى ما في المنتخبات اللبنانية التي تخوض المباريات الخارجية، أنها تضم نخبة اللاعبين من مختلف الأندية، بغض النظر عن الحسابات الطائفية، والحساسيات التقليدية بين الفرق المحلية، ويشكلون، في معظم الأحيان فريقاً متعاوناً، ومنسجماً بين أفراده، ما يمكِّنهم من تحقيق الفوز على أندية، تتوافر لها كل الإمكانيات المادية والفنية، والتي تفوق تلك المتوفرة للاعبين اللبنانيين بعشرات الأضعاف. 
ولكن تلك الصور الوطنية الرائعة، سرعان ما تتلاشى على الملاعب اللبنانية، في مختلف الدوريات الرياضية المحلية، وخاصة بالنسبة لدوري كرة القدم، ودوري كرة السلة، اللعبتين الأكثر شعبية في لبنان. حيث تتصدر العصبيات الطائفية المشهد، وتتحول أجواء المباريات إلى كتلة من التعصب والتوتر، تعصف بكل قيم وأخلاق الرياضة، التي تبقى إحدى الواجهات الأبرز للمستوى الحضاري للشعوب. 
والمفارقة أن الأندية المتلبسة الألوان الطائفية، تضم غالباً لاعبين من مختلف الطوائف، ومن عدة مناطق، مما يُفترض أن ينفي عنها أية هوية طائفية، أو حتى مناطقية. ولكن الإشكالية تبقى في القواعد الشعبية لكل نادي، التي يبقى حضورها وشعاراتها متفلِّتة من الضوابط التنظيمية، ويطيح حماسها الجامح بروح المنافسة الرياضية، وتُشعل الإنفعالات العشوائية الغرائز المتهورة، ويتحول العرس الرياضي ، فجأة إلى مواجهة تلبس القناع الطائفي الأسود، دون أي مبرر منطقي، ودون أي عذر وطني، بل ودون أي رابط بكل ما له علاقة بالمباراة الرياضية. 
ولا بد من الإعتراف بأن جمهور الأندية يتخذ طابعاً طائفياً ومناطقياً، بخلاف ما هي عليه تشكيلة لاعبين النادي، التي تضم شباباً من مختلف الطوائف، سواء كانوا لبنانيين أم غير لبنانيين. 
لا داعي للخوض في تفاصيل أسماء الأندية، والألوان الطائفية التي تطغى على تصنيفها وجمهورها، سواء في كرة القدم، أم في كرة السلة، وما يحصل هذه الأيام في مباريات بطولة لبنان في الأخيرة، يبقى المثال الحي على خطر السرطان الطائفي، الذي يضرب جماهير الأندية الرياضية، ولو بنسب متفاوتة بين نادٍ وآخر، وبين جمهور وآخر.
الحفاظ على نقاوة الصورة الوطنية التي تحسدها المنتخبات اللبنانية في الخارج، يبقى أمانة وطنية في أعناق القائمين على بالمسؤوليات الرياضية في الداخل، الذين نقول لهم: إحفظوا الرياضة من السرطان الطائفي.

د. فاديا كيروز