بيروت - لبنان

اخر الأخبار

1 أيار 2024 12:00ص «الديسبراكسيا» عبارة عن إعاقة أو عدم نضج في تنظيم الحركة: نسبة الإصابة هي 5 إلى 6 % من مجموع الأطفال و الذكور معرَّضون للإصابة أكثر من الإناث

صعوبة في إمساك القلم والرسم صعوبة في إمساك القلم والرسم
حجم الخط
نطرح اليوم موضوعا هاما جدا بات يعاني منه الكثير من الأولاد مؤخرا ويتم اكتشافه مع دخولهم المدرسة ولا سيما في السنوات الأولى حيث يعانون من صعوبات في الحركة،ألا وهو «الديسبراكسيا».
سبب الإصابة بـ «الديسبراكسيا» ليس معروفًا حتى اليوم.ويعتقد الباحثون أن الخلايا العصبية التي تتحكم في العضلات لا تتطور بشكل صحيح.وبما أنها ليست قادرة على إقامة إتصال صحيح، سيحتاج الدماغ إلى مزيد من الوقت لتحليل المعلومات. ويمكن أن يصاب الإنسان بـ«الديسبراكسيا» في أي مرحلة من مراحل عمره بسبب صدمة أو نتيجة سكتة دماغية أو حادث أو مرض. 
وفي هذا المجال، تشير الدراسات إلى أن نسبة الإصابة هي 5 إلى 6 % من مجموع الأطفال. وأكثر من 50% من الذين يعانون «الديسبراكسيا» يكون  لديهم إضطراب في قلة التركيز وكثرة الحركة،وهي تلازم الطفل طيلة عمره.
واللافت أن الذكور معرّضون للإصابة أكثر من الإناث.
 كما لاحظت بعض الدراسات أنه مقابل كل أربعة ذكور يعانون «الديسبراكسيا» هناك أنثى واحدة.

حبيب

لتسليط الضوء على «الديسبراكسيا» ومعرفة الأسباب الفعلية وكيفية العلاج التقت «اللواء» إختصاصية العلاج النفسي الحركي ليليان حبيب التي تحدثت بإسهاب حول هذا الموضوع،فكان الآتي:

إضطراب حركي

{ بداية ما هي «الديسبراكسيا»؟
- «الديسبراكسيا» عبارة عن إضطراب حركي يكون ناتجاً عن عدم نضج في تنظيم الحركة مما يؤدي إلى مشكلات مرتبطة باللغة والإدراك والفكر.وهي في الأساس صعوبة في التآزر الحركي ويمكن أن تؤثر هذه الصعوبة على الأنشطة الحركية الدقيقة، مثل الإمساك بالقلم أو الأنشطة الحركية البسيطة مثل الحركة والتوازن.
وفي هذا الإطار لا بد من أن نشير إلى أن المصاب بال «الديسبراكسيا» لا يكون لديه أية مشاكل فكرية .

الأعراض؟

{ كيف يمكن للأهل ملاحظة أعراض «الديسبراكسيا» لدى طفلهم؟
- من أهم الأعراض التي يمكن ملاحظتها لدى الأطفال التأخر في التطور الحركي، مثلاً تأخر الطفل في الجلوس، والوقوف، والمشي، والتدرّب على إستعمال المرحاض.أيضا عدم تمكنه من ربط شريط الحذاء أو رفع سحاب سرواله،كذلك يكون هناك  تأخر في تعلم صعود السلم ونزوله.هذا بالإضافة إلى الصعوبة في النشاطات الرياضية مثل الركض، والقفز، واللعب بالكرة، والصعوبة في مضغ الطعام وإلتقاط القطع الصغيرة.
هذا عدا عن الصعوبة في أداء النشاطات اليومية وتدبّر أموره الخاصة مثل إرتداء الثياب والبطء في تعلم أي مهارة والوقوع بشكل دائم. 
أيضا حين يعاني من صعوبة في إمساك القلم والرسم، وتبدو رسومه غير ناضجة. صعوبة في تحديد المكان مثلا أمام، خلف، داخل، خارج، بالوسط وما شابه.وفي المقابل حين يكون هناك من صعوبة في إقامة علاقة مع الأصدقاء، وكيفية التصرف في المجتمع.

إكتشاف الإصابة

{ في أي عمر ممكن أن نكتشف الإصابة؟
- بدءا من عمر الـ3 سنوات ممكن أن نلاحظ الإصابة لدى الطفل حين يتأخر المشي لديه وحينما يواجه صعوبة في عدم تحديد المربع والمثلث..هنا لا بد من الإستعانة بطبيب أو بمعالج نفسي - حركي لنميز ما إذا كان هناك من مشكلة فكرية أو فقط مشكلة حركية . ويمكن التأكد أكثر من الإصابة في عمر الـ7 سنوات .
{ في حال إهمال الأهل للإصابة، ما هي العواقب؟
- دون شك أن لـ«الديسبراكسيا» نتائج سلبية أولها الإستقلالية ،فالولد لن يتمكن من أن يشعر باستقلاليته كأن يلبس ثيابه لوحده أو يتدبر أموره وحده ،هذا بالإضافة إلى الصعوبات التي ممكن أن تنتج في الأداء المدرسي حين يصعب مثلاً على الطفل تحديد وجهة الخطوط على الورقة.
كذلك هناك مشكلة الخط إذ تكون الكتابة آلية، وبالتالي النتيجة تبدو خربشة، إذ يكتب الحروف بحجم متفاوت بشكل ملحوظ.أيضا فيما يخص الحساب يصبح هناك صعوبة في تطبيق قواعد الجمع والطرح، رغم إلمامه بها.كما هناك الإملاء ولا سيما أن الصعاب الإملائية مرتبطة باضطراب في النسخ، لذا يرتكب التلميذ أخطاء في النسخ عندما ينقل من اللوح إلى الدفتر.وفي هذه الحالة من المفيد جدا الإستعانة بـ«الكمبيوتر». 
أيضا هناك التربية البدنية حيث يصعب على التلميذ تعلّم ألعاب جديدة، واللحاق بإيقاع التلامذة الآخرين.
كل هذه المشكلات تسبب تأخرًا في الأداء المدرسي وكذلك يخسر التلميذ ثقته بنفسه، مما يجعله منعزلاً عن زملائه، وإذا ترافق ذلك مع إضطراب قلة التركيز وكثرة الحركة نجد أن التلميذ يعاني أيضًا من صعوبات في التركيز والإنتباه. لذا من الضروري التحقق مما يحدث مع التلميذ وتحويله للإختصاصي للتشخيص السليم.
{ هل من عوامل محددة تؤدي للإصابة بالـ«ديسبراكسيا»؟
«ليس هناك من عوامل محددة، إجمالا يكون هناك تأخر بالنمو الحركي أو يكون هناك بطء في تلقي الرسالة من الدماغ وتطبيقها في أي تمرين في الحركة سواء كانت حركة دقيقة أو كبيرة .»

درجات الإصابة 

{ هل هناك درجات للإصابة بـ «الديسبراكسيا»؟
«طبعا ، مثل بقية الصعوبات أو الإضطرابات هناك درجات ل «الديسبراكسيا» تتراوح من خفيفة إلى متوسطة إلى شديدة. وهي ليست لها علاقة بالذكاء، فمعظم الذين يعانون «الديسبراكسيا» لديهم ذكاء طبيعي.

صعوبة التعامل

{ هل من الممكن أن تكتشف المعلمة الإصابة بمجرد دخول الطفل للمدرسة؟
«بالتأكيد شرط أن تتمتع المعلمة بالخبرة، وبالتالي تكون قادرة على التمييز بين التطور السوي للتلميذ و التطور غير السويّ.
ومن أبرز ما يمكن أن تلاحظه المعلمة من صعوبات في مرحلة الحضانة صعوبة التعامل في المواقف التي تتطلب عملاً جماعيًا، صعوبة في الحساب والكتابة والنسخ من اللوح ،حين يكون غير منظما وفوضويا ويعاني من قلة تركيز وضعف في المهارات السمعية وغير قادرعلى إتباع التعليمات ويتجنب حصص الرياضة ويشعر بالغضب.»
ـ هل من الممكن أن يرتاد الطفل مدرسة عادية أو هو بحاجة لمدرسة مختصة؟
«بإمكانه دخول مدرسة عادية لكن إلى مرحلة معينة بعدها سيضطر أن يتحول إلى مدرسة متخصصة لديها صفوف متخصصة.أيضا بإمكانه أن يتابع في مدرسة عادية شرط تواجد معلمة مختصة تعيد برمجة منهاجه التربوي بالتنسيق مع المدرسة وهو حين يصل إلى مرحلة الشهادة المتوسطة الرسمية يحظى بإعفاء لكن شرط أن يكون هناك تقارير مسبقة تشير إلى حالته.»
ـ ماذا عن واقع المدارس في لبنان؟
«هناك العديد من المدارس التي تستقبل هذه الحالات لكن هناك مدارس أخرى ترفض لسبب بسيط أنها غير مجهزة لاستقبال مثل هذه الحالات. نحن كأخصائيين نقدم النصائح من خلال لقاءات وحملات توعية لتسليط الضوء على كيفية التعامل مع «الديسبراكسيا»للمتابعة مع الأولاد الذين يعانون مثل هذه الصعوبات .»

إصابة مدى الحياة

{ هل ترافق «الديسبراكسيا» المصاب مدى الحياة؟
- نعم فمعظم الصعوبات التي عانى منها المصاب في الصغر سترافقه مدى الحياة، ولكن ذلك يعتمد على درجة الصعوبة التي يعاني منها . ومن أبرز الصعوبات في مرحلة الرشد تكمن في صعوبة التخطيط والتنظيم وفي تعلّم مهارات جديدة... 

العلاج

{ ماذا عن العلاج ؟ 
- ترافق «الديسبراكسيا» المصاب طيلة حياته، لكن يمكن أن تتحسن حالته مع الإكتشاف المبكر والعلاج الصحيح.