بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 أيار 2024 12:00ص إلى الحكومة اللبنانيّة: اللجوء السوري اقتصاديّ بامتياز

حجم الخط
في ظلّ ما يشهده لبنان من تقهقر أمني ومالي واقتصادي، يشكّل وجود أكثر من مليونيّ لاجئ سوري على أراضيه عبئاً مالياً واقتصادياً كبيراً، كونهم يستهلكون بأعداد كبيرة الخدمات المختلفة ومنها الكهرباء والاستشفاء، ناهيكم عن العبء الاقتصادي المباشر الناتج عن المنافسة السوريّة في العديد من الأعمال التجارية والخدماتية خارج الأطر القانونيّة، واستفادتهم من البنى التحتية دون دفع أي بدلات أو رسوم أو ضرائب. وقد بلغت كلفة لجوئهم على الاقتصاد اللبناني أكثر من ٥٠ مليار دولار، في حين لم يحصل لبنان سوى على ٢٠٪ من المساعدات الدوليّة المقرّرة لدعم استضافة اللاجئين على أرضه.
من الضروري الإشارة الى أن لجوء هؤلاء بات يصنّف لجوءاً اقتصادياً وليس سياسياً بعد أن شارك معظم اللاجئين في الانتخاب للتجديد للرئيس بشار الأسد، وهم يقومون بزيارة سوريا بشكلٍ دوري، كما أن السواد الأكبر منهم دخل خلسةً الى لبنان للاستفادة من المساعدات التي تقدمها المنظمات الدولية والقيام بأعمال تجارية خاصة خارج الأطر القانونيّة طمعاً بكسب المال، وقد استغلّوا النظام الأممي لهذه الغاية. ويقدّر الحدّ الأدنى للأجور الشهريّة في سوريا بنحو ٢٠ دولارا، وهي تساوي الأجر اليومي للعامل السوري في لبنان، وبالتالي لا يرغب اللاجئين السوريّين في العودة الى سوريا لدواع اقتصادية وليست أمنيّة. كلّ ما سبق يُسقط صفة «اللاجئ» عنهم ويحرمهم من التذرّع بحقّ الحماية من الترحيل.
بناءً عليه، على الحكومة اللبنانيّة أن تسعى جاهدة بعد لقائها مع رئيسة المفوضيّة الأوروبيّة والرئيس القبرصي الى تحويل تصنيف طبيعة اللجوء السوري الى لبنان من لجوء سياسي الى لجوء اقتصادي، ممّا يسهّل عمليّة إعادتهم الى سوريا بالاستناد الى الشرعة الأمميّة التي تنصّ على أنّ كل من يغادر بلده لمجرّد أسباب اقتصادية أو شخصية، فلا توجد أسباب كافية للاعتراف به كلاجئ أو شخص بحاجة إلى حماية فرعية، وبالتالي لن يُمنح حق اللجوء.
من جهّة ثانية يجب على الحكومة ألّا تتجاهل نيّة الدّول الأوروبية في إبقاء اللاجئين في لبنان، وتوطينهم بشتى السُبل، من خلال تقديم مساعدات مالية سخيّة لهم للحؤول دون طرقهم أبوابها وخشية من تفاقم أزمة اللجوء لديها، ولو كان ذلك على حساب لبنان واللبنانيّين. وليس مستغرباً أن يقرّ الاتحاد الأوروبي مساعدة ماليّة للبنان بهدف تفعيل عمل الأجهزة الأمنية لإغلاق حدود لبنان البحرية وعدم السماح بهجرة السوريين باتجاه أوروبا وقبرص، فحذار من قبول هكذا مساعدة أحادية الفائدة إذا لم تترافق مع قرار إعادة اللاجئين السوريين إلى مناطق آمنة في سوريا وتقديم المساعدات لهم بعد عودتهم، ودعم لبنان بالأموال والعتاد لمنع اي تدفّق سوري الى لبنان بشكلٍ غير شرعي عبر معابر التهريب البريّة على طول سلسلة جبال لبنان الشرقية.
إن تصنيف لجوء اللاجئين السوريّين الى لبنان تحت الخانة الاقتصادية يُشكّل إحدى السبل التي يُمكن للبنان استغلالها لتسريع إعادتهم الى بلدهم، عسى أن تستغلها الحكومة بحكمة وبسرعة، وقبل الوقوع فيما لا تُحمد عقباه.