بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 أيار 2024 12:00ص مقام رئاسة مجلس حقوق الإنسان

حجم الخط
تحية إنسانية خالصة،
أما بعد، فمنذ تأكّد وقوع مدينة القدس تحت السيطرة البريطانية، وصدور وعد بلفور في 2 تشرين الثاني 1917 والى يوم الكتابة هذا في 29 نيسان 2024 ثمة حقيقة مؤكدة هي ان كل القوى الدولية، ثم المنظمات الدولية، لم تهتم بحقوق الشعب الفلسطيني. 
فإذا صح ما هو متداول من ان الرئيس ويلسون قد وافق على وعد بلفور قبيل صدوره فمعنى ذلك انه استبعد متعمّداً الشعب الفلسطيني من فلسفته المستحقة للتقدير، الخاصة بحق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها.
ثمة وضوح في التسلسل التاريخي لإنكار حقوق الشعب الفلسطيني.
نص وعد بلفور على وطن قومي لمجموعة يؤتى بها، ولم ينص على وطن قومي لمن هم في تلك الأرض. تجلى وعد بلفور واضحاً في تصويت أجراه مؤخراً مجلس الأمن على العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.
مما يثير التأمل في التصويت أن استنكاف بريطانيا كما أقدر، أتى نتيجة إعلان منها في نيسان 2017، إعلان لم يكتب له تداول واسع، يوضح نقصاً في الوعد. ويعلم العالم كله ذلك النيل من الوعد الذي أعلنه وزير خارجية الدولة مصدرة الوعد في 16 تشرين الثاني 2002. كان ذلك في موسم الذكرى الخامسة والثمانين لصدور الوعد، الذي حصل في عام 1917. 
خالف صك الانتداب على فلسطين عام 1922 أساسيات فلسفة الانتدابات. ثم جاء قرار التقسيم ليؤكد حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه. وقبل ذلك تغاضت الأمم المتحدة عن عامين من انتهاء صك الانتداب بين 1945 و1947. 
أما قرار مجلس الأمن بشأن العضوية الكاملة لدولة فلسطين، فمن المتفق عليه انه فضيحة دولية.
في مذكرة بعثت بها عام 1994 الى المفوض السامي الأول لحقوق الإنسان، طالبته بفحص الوثائق الأساسية للدول الأمم المتحدة بمعيار القانون الدولي. كانت المذكرة بمطلبين. من المفيد التذكير بأن أول الطلبين حظي باهتمامكم في بيان صدر عام 2007. أشير الى حلف الفضول. ومن الجميل أنكم منذ مدة تقومون بفحص وثائق أساسية للدول.
نحن في أواخر نيسان 2024، تتحدث الأنباء عن نقل مليون فلسطيني من مكان الى آخر. ثمة بعد النقل عملية حربية وثمة خطر حرب إقليميه، وقد تتوسّّع الى أبعد. يمكن نسبة كل القتل الذي يجري منذ 7 تشرين الأول 2023 الى غياب اهتمام القوى الدولية، ثم المنظمات الدولية بحقوق الشعب الفلسطيني.
أعلم عجز الأمم المتحدة بكل منظماتها عن وقف إطلاق النار في غزة، بل حتى عن تحصين الأطفال من الموت جوعاً لكن لدينا ما لا ينبغي أن نقنط منه:
لدينا منظمة وقانون من أجل ضبط العالم، من أجل حفظ السلم والأمن العالميين.
حين ينقضي يوم 7 تشرين الأول 2024، يكون قد انقضى أكثر الأعوام وحشية في تنفيذ ما أعلن يوم 2 تشرين الثاني 1917.
من الجميل أن يكون لمجلسكم وأنتم مجلس حقوق، وقفة تبدأ اليوم مع حقوق الشعب الفلسطيني، وقفة شاملة تناقش الموضوع بهدوء بدءاً من وثيقة أريد لها كما يُقال، ان تكون خيرا فإذا هي، في حقيقةٍ مشهودة صارخةٍ، « وثيقة اقتتال مستمر».
للاعتذار دور في بناء عالم السلم الذي يرغب فيه الجميع. 
من الممكن لمجلس حقوق الإنسان أن يُرفع الى الجمعية العامة توصية بأن يعتذر العالم عن وعد بلفور. يتيح الاعتذار التخلص مما يُدعى به من تفوقٍ أخلاقي ما - بعد - قانوني للوعد. يكاد التعبير الأخير يتكشف عن أمور بالغة المأساوية قد نشهدها إذا لم ننزع الغطاء اللاهوتي عن امر تم قبل 107 من السنوات. أشير إلى حروب دينية.
فليكن القانون الدولي وحده حاكماً وليكن مجلسكم الكريم،
مجلس الحقوق، معلناً لحقوق الإنسان والشعوب، وقيّماً عليها.

جورج جبور
الخبير السابق لدى مجلسكم الموقّر